حافظ إبراهيم شاعر النيل
حافظ إبراهيم شاعر النيل
مولد حافظ إبراهيم وحياته
محمد حافظ بن إبراهيم فهمي المهندس المشهور باسم حافظ إبراهيم, ولد في ديروط من محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 - 21 يونيو 1932 م
ولد حافظ إبراهيم بمدينة ديروط في صعيد مصر من أبٍّ مصري وأمٍّ تركية على ظهر سفينة صغيرة فوق النيل، . الأب كان مهندس الري إبراهيم فهمي أحد المشرفين على قناطر ديروط – محافظة أسيوط. وأم حافظ من أسرة كريمة هي إبنة خالة أم مصطفى كامل. توفي والداه وهو صغير، وقبل وفاتها، أتت به أمه إلى القاهرة حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله الذي كان يعمل مهندسا في مصلحة التنظيم، ثم انتقل خاله إلى مدينة طنطا في شمال مصر وذهب معه حافظ وإلتحق بالجامع الأحمدي وهناك أخذ حافظ يدرس في الكتاتيب. أحس حافظ إبراهيم بضيق خاله به مما أثر في نفسه، فرحل عنه وترك له رسالة كتب فيها:
ثقلت عليك مؤونت ... إني أراها واهية
فافرح فإني ذاهب ... متوجه في داهية
وكان والده مهندسًا، وقد تُوُفِّيَ والده وهو في الرابعة من عمره، فاتجهت به أُمُّه إلى القاهرة، فظلَّ تحت رعاية خاله، الذي ألحقه بالمدرسة الخيريَّة بالقلعة، فبقي في القاهرة حتى التحاقه بالمدرسة الخديويَّة الثانويَّة، ثم انتقل مع خاله إلى طنطا عام 1888م؛ حيث كان يعمل مهندسًا للتنظيم هناك، وقد التحق حافظ إبراهيم بالمحاماة، لكنه سرعان ما ضجر منها، وتركها عائدًا إلى القاهرة ملتحقًا بالمدرسة الحربيَّة، وتخرَّج فيها برتبة ملازم ثان عام 1891م، وقد قارب العشرين من عمره، فاستعانت به وزارة الداخلية، ثم استغنت عنه، ثم عاد مرَّة أخرى إلى وزارة الحربيَّة، فحوَّلته بدورها إلى الاستيداع لتراخيه وتكاسله في عمله عام 1895م.
ثم
عاد حافظ إبراهيم مرَّة أخرى إلى العمل بوزارة الحربية حيث تمَّ إرساله
إلى السودان مع الجنرال الإنجليزي "كيتشنر "ليعمل تحت إمرته، وفي السودان
عانى حافظ من صلف الجنرال الإنجليزي، واتُّهِم بعدها حافظ إبراهيم بتحريض
الضبَّاط على العصيان والتمرُّد، فيُحال مرَّة أخرى للاستيداع سنة 1900م،
فعاد للقاهرة باحثًا عن وظيفة مدنيَّة يقتات منها، ولكنَّ الشاعر ظلَّ
يكابد قسوة الحياة، معتمدًا على راتب الاستيداع الذي لم يتجاوز الأربعة
جنيهات، لكنه في عام 1911م عُيِّن بدار الكتب بواسطة أحمد حشمت باشا، ثم
يمنحه درجة الباكوية، ثم نيشان النيل،
بعد أن خرج حافظ إبراهيم من عند خاله هام على وجهه في طرقات مدنية طنطا حتى
انتهى به الأمر إلى مكتب المحام محمد أبو شادي، أحد زعماء ثورة 1919،
وهناك اطلع على كتب الأدب وأعجب بالشاعر محمود سامي البارودي.
في عام 1888 التحق بالمدرسة الحربية، وتخرج منها في عام 1891 ضابطاً برتبة ملازم ثان في الجيش المصري، وعُين في وزارة الداخلية.
وفي عام 1896 م أرسل إلى السودان مع الحملة المصرية إلى أن الحياة لم
تطب له هنالك، فثار مع بعض الضباط. نتيجة لذلك، أحيل حافظ على الاستيداع
بمرتب ضئيل.
وفي عام 1911م، عين رئيسا للقسم الأدبي في دار الكتب ووصل إلى منصب
"وكيل دار الكتب" أي الرجل الثاني. وحصل على البكوية عام 1912. وأطلق عليه
لقب "شاعر النيل" وعمل فترة في المحاماة. وكان يلم بالفرنسية وترجم
"البؤساء" لفيكتور هيجو ، وأشترك مع "خليل مطران" في ترجمة كتاب "موجز
الاقتصاد" ، وعندما عمل الشرطة كان ملاحظا لمركز بني سويف ولمركز
الإبراهيمية.
وقد تزوج حافظ بعد عودته من السودان من إحدى قريبات زوجة خاله. ولكنها
لم تطق طبيعة حافظ المنطلقة قيود الزوجية ، وإنتهى الأمر بالفرقة بين
الزوجين بعد بضعة أشهر ، ولم يعد بعد هذه التجربة إلى الزواج أو التفكير
فيه.
شخصيته:
كان حافظ إبراهيم إحدى عجائب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره بل في قوة
ذاكرته التي قاومت السنين ولم يصبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هي عمر
حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب اتسعت لآلاف من القصائد العربية القديمة
والحديثة ومئات المطالعات والكتب وكان باستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن
يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عده دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل
ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان
يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه فيحفظ ما
يقوله ويؤديه كما سمعه بالرواية التي سمع القارئ يقرأ بها.
يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ
منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى
وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره
ويملؤه بما يجيش في صدره.
كان حافظ إبراهيم رجل مرح وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته و فكاهاته الطريفة التي لا تخطأ مرماها.
كان لحافظ إبراهيم طريقته الخاصة فهو لم يكن يتمتع بقدر كبير من الخيال
ولكنه استعاض عن ذلك بجزالة الجمل وتراكيب الكلمات وحسن الصياغة بالإضافة
أن الجميع اتفقوا على انه كان أحسن خلق الله إنشاداً للشعر.
ومن أروع المناسبات التي أنشد حافظ إبراهيم فيها شعره بكفاءة هي حفلة
تكريم أحمد شوقى ومبايعته أميراً للشعر في دار الأوبرا.وأيضاً القصيدة التي
أنشدها ونظمها في الذكرى السنوية لرحيل مصطفى كامل التي خلبت الألباب
وساعدها على ذلك الأداء المسرحي الذي قام به حافظ للتأثير في بعض الأبيات،
ومما يبرهن ذلك ذلك المقال الذي نشرته إحدى الجرائد والذي تناول بكامله فن
إنشاد الشعر عند حافظ. ومن الجدير بالذكر أن أحمد شوقي لم يلقى في حياته
قصيدة على ملأ من الناس حيث كان الموقف يرهبه فيتلعثم عند الإلقاء.
أقوال عن حافظ إبراهيم :
حافظ كما يقول عنه مطران خليل مطران "أشبه بالوعاء يتلقى الوحي من شعور
الأمة وأحاسيسها ومؤثراتها فى نفسه, فيمتزج ذلك كله بشعوره و إحساسه،
فيأتى منه القول المؤثر المتدفق بالشعور الذي يحس كل مواطن أنه صدى لما فى
نفسه".
ويقول عنه أيضاً "حافظ المحفوظ من أفصح أساليب العرب ينسج على منوالها
ويتذوق نفائس مفرداتها." وأيضاً "يقع إليه ديوان فيتصفحه كله وحينما يظفر
بجيده يستظهره، وكانت محفوظاته تعد بالألوف وكانت لا تزال ماثلة في ذهنه
على كبر السن وطول العهد، بحيث لا يمترى إنسان في ان هذا الرجل كان من
أعاجيب الزمان".
وقال عنه العقاد "مفطوراً بطبعه على إيثار الجزالة و الإعجاب بالصياغة والفحولة فى العبارة."
كان أحمد شوقى يعتز بصداقه حافظ إبراهيم ويفضله على أصدقائه.و كان حافظ
إبراهيم يرافقه فى عديد من رحلاته وكان لشوقى أيادى بيضاء على حافظ فساهم
فى منحه لقب بك و حاول ان يوظفه في جريدة الأهرام ولكن فشلت هذه المحاولة
لميول صاحب الأهرام - وكان حينذاك من لبنان - نحو الإنجليز وخشيته من
المبعوث البريطانى اللورد كرومر.
وقد برع شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدة، بلغ فيها الوصف منتهاه، فهي قصيدة يصف فيها حريق (ميت غمر) الذي حدث في عام 1902م، والذي ظلَّ ثمانية أيَّام كاملة، وقد أتت على المدينة كلها، ومات أناس كثيرون بسببها، يقول فيها:
كَيْفَ أَمسى رَضيعُهُم فَقَدَ الأُمَّ *** وَكَيفَ اصْطَلى مَعَ القَومِ نارَا
كَيفَ طاحَ العَجوزُ تَحْتَ جِدارٍ *** يَتَداعى وَأَسْقُفٍ تَتَجارَى
رَبِّ إِنَّ القَضاءَ أَنْحى عَلَيهِمْ *** فَاكْشِفِ الْكَرْبَ وَاحجُبِ الأَقدارَا
قصائد حافظ ابراهيم :
• تحية العام الهجري
• سعيٌ بلا جدوى
• حادثة دنشواي
• حريق ميت غمر
• اللغة العربية تنعى حظَّها بين أهلها
• قصيدة في شؤون مصر السياسية
• من قصيدة: إيهِ يا ليلُ
وفاة حافظ إبراهيم
أحيل حافظ إبراهيم إلى المعاش عام 1932م، ولم
يمض على تقاعده سوى أربعة أشهر ونصف حتى صَعِدت روحه إلى بارئها في الحادي
والعشرين من يوليو عام 1932م، بعد حياة متقلِّبة من اليُتم والبؤس والفقر
وحرمان الزوجة، لكنَّه ترك شعرًا جزلاً ظلَّ متردِّدًا إلى اليوم، وربما
سيظلُّ إلى عشرات السنين القادمة.
توفي حافظ إبراهيم سنة 1932م في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس،
وكان قد أستدعى 2 من أصحابه لتناول العشاء ولم يشاركهما لمرض أحس به. وبعد
مغادرتهما شعر بوطئ المرض فنادى غلامه الذي أسرع لاستدعاء الطبيب وعندما
عاد كان حافظ في النزع الأخير، توفى ودفن في مقابر السيدة نفيسة .
عندما توفى حافظ كان أحمد شوقي يصطاف في الإسكندرية وبعدما بلّغه سكرتيره –سكرتير شوقى - بنبأ وفاة حافظ بعد ثلاث أيام لرغبة سكرتيره في إبعاد الأخبار السيئة عن شوقي ولعلمه بمدى قرب مكانة حافظ منه، شرد شوقي لحظات ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياء
ولما توفي حافظ جمع الأديب الدمشقي السيد أحمد عبيد طائفة من شعره لم تنشر في ديوانه ونشرها بدمشق. أما الطبعة الثانية التي صدرت عن "هيئة الكتاب" عام 1980 ، فقد تولى أحد أقرباء حافظ متابعتها بحرص ومتابعة وهو "محمد إسماعيل كاني".
عندما توفى حافظ كان أحمد شوقي يصطاف في الإسكندرية وبعدما بلّغه سكرتيره –سكرتير شوقى - بنبأ وفاة حافظ بعد ثلاث أيام لرغبة سكرتيره في إبعاد الأخبار السيئة عن شوقي ولعلمه بمدى قرب مكانة حافظ منه، شرد شوقي لحظات ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياء
ولما توفي حافظ جمع الأديب الدمشقي السيد أحمد عبيد طائفة من شعره لم تنشر في ديوانه ونشرها بدمشق. أما الطبعة الثانية التي صدرت عن "هيئة الكتاب" عام 1980 ، فقد تولى أحد أقرباء حافظ متابعتها بحرص ومتابعة وهو "محمد إسماعيل كاني".
COMMENTS